الاقتصاد الصيني: تحديات وفرص في مسار النمو المستدام

تُعد الصين، بثقلها الاقتصادي المتنامي، لاعبًا محوريًا في المشهد العالمي. فمنذ عام 2016، أصبحت الصين أكبر اقتصاد في العالم من حيث تعادل القوة الشرائية، وشكلت 19% من الاقتصاد العالمي في عام 2022 من حيث تعادل القوة الشرائية و18% اسميًا. كما تحتل المرتبة الثانية عالميًا من حيث الناتج المحلي الإجمالي الاسمي. تاريخيًا، ارتكز النمو الاقتصادي الصيني القوي على الاستثمار والتصنيع الموجه للتصدير، وهو نموذج أطلق عليها لقب “مصنع العالم”. ومع ذلك، تشير التطورات الحديثة إلى أن هذا النهج قد بلغ حدوده القصوى، مما أدى إلى اختلالات اقتصادية واجتماعية وبيئية. في استجابة لذلك، تركز الحكومة الصينية حاليًا على خفض الاعتماد على الاستثمار المفرط وتعزيز الطلب الداخلي كركيزة للنمو. هذا التحول ليس مجرد خيار اقتصادي، بل هو ضرورة حتمية لضمان استدامة النمو في ظل تزايد الحمائية التجارية العالمية وتحديات سلاسل التوريد.

تشير التقديرات إلى تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي في الصين إلى 4.9% في عام 2024، مقارنة بـ 5.1% في عام 2023. يعكس هذا التباطؤ ضعفًا واسع النطاق في الطلب المحلي. ومع ذلك، هناك توقعات بتحسن طفيف في النمو لعام 2025 ليصل إلى 4.5%، مدعومًا بإجراءات دعم السياسات الإضافية الأخيرة وزخم الصادرات القوي في أواخر عام 2024. تجدر الإشارة إلى وجود تباين في تقديرات نمو الناتج المحلي الإجمالي لعام 2024، حيث تشير بعض المصادر إلى 4.9% (البنك الدولي) و 5.0% (PwC) ، بينما تقديرات أخرى (RHG) تضعها بين 2.4% و 2.8%. هذا التباين، خاصة في القطاعات الحيوية مثل الاستثمار والاستهلاك، يثير تساؤلات جدية حول شفافية البيانات الصينية، مما قد يؤثر سلبًا على ثقة المستثمرين الدوليين وصانعي السياسات، ويضيف طبقة من عدم اليقين إلى المشهد الاقتصادي الصيني.

محركات النمو الاقتصادي والتوجهات الحالية

يُظهر تحليل مكونات الناتج المحلي الإجمالي الصيني تحولًا هيكليًا ملحوظًا. ففي عام 2024، استحوذ قطاع الخدمات على الحصة الأكبر، مساهمًا بنسبة 56.8% من الناتج المحلي الإجمالي، تليه الصناعة بنسبة 36.5%، ثم الزراعة بنسبة 6.8%. هذه الهيمنة لقطاع الخدمات تمثل تحولًا هيكليًا مهمًا بعيدًا عن الاعتماد المفرط على الصناعة الثقيلة والتصنيع، وتتوافق مع استراتيجية “الدورة المزدوجة” التي تهدف إلى تعزيز الاستهلاك المحلي والخدمات. هذا التحول، وإن كان واعدًا، يتطلب أيضًا تحولات في سوق العمل وتنمية مهارات جديدة لاستيعاب القوى العاملة المتغيرة.

عند النظر إلى مكونات الناتج المحلي الإجمالي من منظور الإنفاق، نجد أن الاستهلاك الأسري والاستثمار في رأس المال الثابت يساهمان بنسب متساوية تقريبًا، حيث يمثل كل منهما 39.9% في عام 2024. هذا يشير إلى أن الصين لا تزال تعتمد بشكل كبير على الاستثمار، على الرغم من جهود الحكومة لتعزيز الاستهلاك المحلي. التحدي هنا لا يقتصر على مجرد زيادة الإنفاق الاستهلاكي، بل يمتد إلى تغيير عقلية المستهلكين لتوجيه مدخراتهم الهائلة نحو الإنفاق بدلاً من الادخار، وهو ما يتطلب سياسات قوية لإعادة بناء الثقة على المدى الطويل.

تباطأ نمو الاستثمار في رأس المال الثابت إلى 3.2% بحلول ديسمبر 2024، متأثرًا بضعف قطاع العقارات. ومع ذلك، ارتفع الاستثمار في التصنيع بنسبة 9.2%، بقيادة قطاعات التكنولوجيا الفائقة التي نمت بنسبة 8.0%، مما يشير إلى تحول هيكلي واضح نحو الصناعات المتقدمة وذات القيمة المضافة العالية.

يوضح الجدول التالي التباطؤ المتوقع في النمو الاقتصادي الصيني على المدى القصير والمتوسط، مما يعكس التحديات الهيكلية التي تواجهها البلاد:

السنةتوقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي
2024

4.9% (تقديري)

2025

4.5% (متوقع)

2026

4.0% (متوقع)

هذا التباطؤ المستمر ليس مجرد أرقام، بل هو مؤشر على أن الصين تدخل مرحلة نمو أكثر نضجًا واستدامة، حيث لن يكون النمو السريع المدفوع بالاستثمار والتصدير هو القاعدة. هذا يتطلب إعادة تقييم شاملة للسياسات الاقتصادية والتركيز على مصادر نمو جديدة وأكثر استدامة، مثل الابتكار والاستهلاك المحلي.

كما يبرز الجدول التالي التحول الهيكلي للاقتصاد الصيني نحو قطاع الخدمات:

القطاعمساهمة في الناتج المحلي الإجمالي (2024)
الخدمات

56.8%

الصناعة

36.5%

الزراعة

6.8%

هذه النسبة المرتفعة للخدمات تتماشى مع طموح الصين في أن تصبح اقتصادًا أكثر استهلاكًا وابتكارًا، بدلاً من مجرد مركز تصنيعي. هذا التحول سيؤثر بشكل عميق على سوق العمل، وأنواع الوظائف المطلوبة، وتوزيع الدخل على مستوى البلاد.

التحديات الاقتصادية الكبرى

يواجه الاقتصاد الصيني مجموعة من التحديات الهيكلية المعقدة التي تتطلب معالجة شاملة:

أزمة قطاع العقارات

تُعد أزمة العقارات تحديًا هيكليًا رئيسيًا، حيث كان هذا القطاع يمثل ما يصل إلى 20% من النشاط الاقتصادي في الصين. تواجه شركات عملاقة مثل Evergrande و Country Garden صعوبات مالية ضخمة، حيث بلغت خسائر Country Garden السنوية 27.5 مليار دولار في 2023، وخسرت Evergrande ما يقارب 94 مليار دولار في 2021. تفاقمت الأزمة بسبب القيود التنظيمية الحكومية الصارمة على ديون المطورين التي فُرضت في عام 2020. تُشير التقديرات إلى وجود 60 إلى 80 مليون شقة فارغة في الصين في أغسطس 2023، مما يدل على تشبع السوق.

أزمة العقارات ليست مجرد مشكلة ديون للمطورين، بل هي عامل رئيسي في تدهور ثقة المستهلك وتراجع الطلب المحلي. هذا يرجع إلى أن جزءًا كبيرًا من ثروة الأسر الصينية مرتبط بالعقارات، وتراجع الأسعار أو عدم اكتمال المشاريع يؤثر مباشرة على قدرتهم ورغبتهم في الإنفاق. علاوة على ذلك، تعتمد الحكومات المحلية بشكل كبير على إيرادات بيع الأراضي ، مما يجعل الأزمة العقارية تهديدًا مباشرًا لاستقرارها المالي وقدرتها على تمويل الخدمات العامة.

ديون الحكومات المحلية

تواجه الحكومات المحلية ديونًا “خفية” ضخمة، حيث تقدر ديون شركات التمويل التابعة للحكومات المحلية (LGFVs) بـ 58 تريليون يوان، مما يشكل “خطرًا جادًا على الاستقرار المالي”. تراجع إيرادات بيع الأراضي، التي كانت مصدرًا رئيسيًا لتمويل هذه الديون، يفاقم المشكلة بشكل كبير. هناك علاقة سببية متبادلة ومقلقة بين أزمة العقارات وديون الحكومات المحلية. تراجع سوق العقارات يقلل بشكل حاد من إيرادات بيع الأراضي للحكومات المحلية ، مما يحد من قدرتها على سداد ديونها. هذا بدوره يؤثر على قدرة الحكومات المحلية على تمويل مشاريع البنية التحتية والخدمات الأساسية، مما يقلل من الطلب الكلي ويزيد من الضغط على الاقتصاد، وقد يدفعها لفرض قيود على أسعار العقارات لمنع انهيار أوسع، مما يعيق التعافي.

الطاقة الإنتاجية الفائضة

تُعد الطاقة الإنتاجية الفائضة مصدر قلق رئيسي، خاصة في الصناعات التقليدية مثل الصلب والفحم، وقد امتدت هذه المشكلة لتشمل قطاعات التكنولوجيا الفائقة والطاقة النظيفة مثل السيارات الكهربائية، بطاريات الليثيوم، والألواح الشمسية. معدل استخدام الطاقة الصناعية في الصين غالبًا ما يقل عن 80%، حيث بلغ 74.9% في أغسطس 2024، مما يشير إلى عدم الكفاءة. هذا يؤدي إلى إغراق الأسواق الدولية بمنتجات بأسعار أقل من السوق، مما يثير نزاعات تجارية وتدابير حمائية من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

بينما تسعى الصين لقيادة “النمو الأخضر” وتدعم الصناعات الخضراء بقوة ، فإن الطاقة الإنتاجية الفائضة في هذه القطاعات نفسها (السيارات الكهربائية، البطاريات، الألواح الشمسية) تخلق توترات تجارية دولية كبيرة. هذا يشير إلى مفارقة حيث أن جهود الصين لتحقيق أهدافها البيئية والاقتصادية داخليًا قد تؤدي إلى نتائج عكسية على صعيد العلاقات التجارية، وتزيد من الحمائية بدلاً من تعزيز التعاون العالمي في مجال الطاقة النظيفة.

التحديات الديموغرافية

تواجه الصين أزمة ديموغرافية مزدوجة تتمثل في انخفاض معدلات المواليد وشيخوخة المجتمع بشكل متسارع. في عام 2024، سجلت الصين انخفاضًا سكانيًا للعام الثالث على التوالي، وبلغ معدل الخصوبة 1.01 ولادة لكل امرأة، وهو أقل بكثير من معدل الإحلال المطلوب (2.1). هذا يؤدي إلى تراجع القوى العاملة وزيادة مطردة في تكاليف الرعاية الصحية والاجتماعية، مما يضع ضغطًا على الميزانية العامة. الانخفاض السكاني وشيخوخة القوى العاملة يمثلان قيدًا هيكليًا طويل الأمد على النمو الاقتصادي، حيث يقلل من عدد المنتجين ويزيد من عبء الإعالة على الأجيال الشابة. هذا سيؤثر على الاستهلاك المحلي (بسبب انخفاض عدد الشباب) وعلى الابتكار (بسبب نقص المواهب الشابة) وعلى الإنتاجية الكلية. الحلول المقترحة مثل الأتمتة يمكن أن تخفف من التأثير، لكنها لا تحل المشكلة الأساسية المتمثلة في تقلص قاعدة المستهلكين والمنتجين على المدى الطويل.

تأثير التوترات التجارية والعقوبات

أدت الحرب التجارية مع الولايات المتحدة إلى انهيار التجارة الثنائية في بعض القطاعات الحيوية. في رد فعل على ذلك، قامت الصين بتنويع شركائها التجاريين بعيدًا عن الولايات المتحدة، مع ازدهار التجارة مع دول الآسيان وأمريكا الجنوبية والاتحاد الأوروبي وأفريقيا. تضغط الولايات المتحدة على الصين لوقف واردات النفط من إيران وروسيا، مهددة بفرض تعريفات جمركية قاسية. ردًا على التوترات التجارية والعقوبات الأمريكية، قامت الصين بتنويع كبير في شبكتها التجارية. هذا التنويع ليس مجرد رد فعل دفاعي، بل هو استراتيجية استباقية لزيادة المرونة الاقتصادية وتقليل الاعتماد على سوق واحد أو شريك واحد. هذا يقلل من تأثير أي ضغوط جيوسياسية مستقبلية، ولكنه قد يؤدي أيضًا إلى تشكيل تكتلات اقتصادية عالمية جديدة، مما يعيد تشكيل خريطة التجارة الدولية.

الاستراتيجيات الحكومية للتحول الاقتصادي

تتبنى الحكومة الصينية مجموعة من الاستراتيجيات الطموحة لمعالجة التحديات الاقتصادية وتحقيق نمو مستدام:

استراتيجية “الدورة المزدوجة”

تهدف استراتيجية “الدورة المزدوجة” إلى موازنة التنمية الاقتصادية من خلال تعزيز الأسواق الداخلية والخارجية، مع جعل السوق الداخلي هو الأساس. الهدف هو زيادة الاستهلاك المحلي والاستثمارات لتقليل الاعتماد على الصادرات وتعزيز نمو اقتصادي أكثر توازنًا واستدامة. تتضمن هذه الاستراتيجية تدابير مثل تخفيضات ضريبية وزيادة الإنفاق الاجتماعي لتعزيز الطلب. هذه الاستراتيجية هي إعادة تعريف جوهرية للنموذج الاقتصادي الصيني. فمن خلال التركيز على الطلب الداخلي ، تسعى الصين إلى تقليل نقاط الضعف الناجمة عن الاعتماد المفرط على الصادرات والاستثمار الأجنبي، خاصة في ظل بيئة دولية متزايدة التقلب. هذا يعني أن النمو المستقبلي سيعتمد بشكل أكبر على قوة المستهلك الصيني والابتكار المحلي، مما يتطلب إصلاحات هيكلية عميقة في توزيع الدخل وأنظمة الضمان الاجتماعي.

الاستثمار في البنية التحتية

تمتلك الصين أطول شبكات طرق وسكك حديدية فائقة السرعة في العالم، وتبني حوالي عشرة مطارات سنويًا، مما يعكس استثمارًا ضخمًا في البنية التحتية. تغطي شبكة السكك الحديدية عالية السرعة أكثر من 48 ألف كيلومتر، وتربط جميع المدن الكبرى تقريبًا، مما يجعل السفر أسرع وأكثر راحة وكفاءة. الاستثمار الهائل في البنية التحتية، وخاصة السكك الحديدية عالية السرعة، يتجاوز مجرد الكفاءة الاقتصادية. إنه أداة قوية للتماسك الاجتماعي ودمج المناطق المتباينة ثقافيًا في التيار الرئيسي، مما يسهل حركة الناس والسلع والأفكار بين المدن والمقاطعات. هذا يعزز النمو الاقتصادي الإقليمي ويقلل من الفجوات بين المناطق، وهو هدف استراتيجي للحكومة الصينية.

سياسات دعم الثقة الاستهلاكية واستقرار سوق العمل

تسعى الحكومة جاهدة لإعادة بناء ثقة المستهلك التي تضررت بشدة من سياسات كوفيد-19، وضعف سوق العمل، والتراجع في سوق العقارات. بلغ معدل البطالة بين الشباب (16-24 عامًا) 15.8% في أبريل 2025، وهو مرتفع بشكل ملحوظ مقارنة بمعدل البطالة الكلي. قام البنك المركزي الصيني بخفض أسعار الفائدة في أبريل 2025 لتحفيز الإنفاق والاستثمار، في محاولة لدعم الاقتصاد. انخفاض ثقة المستهلك ليس فقط نتيجة لأزمة العقارات، بل يتأثر أيضًا بشكل كبير بضعف سوق العمل، وخاصة ارتفاع معدل البطالة بين الشباب. هذا يخلق حلقة مفرغة: البطالة تقلل من الدخل والثقة، مما يقلل من الإنفاق، الذي بدوره يؤثر سلبًا على النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل. خفض أسعار الفائدة هو محاولة لتحفيز الإنفاق، لكن فعاليته تعتمد على مدى استعادة الثقة في المستقبل الاقتصادي واستقرار سوق العمل على المدى الطويل.

الفرص المستقبلية والقطاعات الواعدة

على الرغم من التحديات، تمتلك الصين فرصًا كبيرة للنمو في قطاعات معينة:

دور السياحة كقطاع حيوي

تُعد الصين أكبر سوق سياحي في العالم، وقد ساهمت السياحة بنسبة 10% من الناتج المحلي الإجمالي قبل الجائحة. بلغت إيرادات السياحة الثقافية في الصين 1.97 تريليون دولار في العام الماضي ، وبلغت إيرادات السياحة الكلية 65.28 مليار دولار في عام 2024. بلغ عدد الزوار الدوليين للصين في 2024 نحو 32 مليونًا، بانخفاض 51% عن مستويات 2019 (65.7 مليون). أطلقت الحكومة الصينية ما يقرب من 37 ألف فعالية لتنشيط السياحة الثقافية في جميع أنحاء الصين خلال موسم الصيف.

على الرغم من التحديات الجسيمة التي واجهتها السياحة بسبب جائحة كوفيد-19 ، فإنها تظل قطاعًا حيويًا يساهم بشكل كبير في الناتج المحلي الإجمالي. الانتعاش البطيء للسياحة الوافدة يمثل فرصة كبيرة للنمو المستقبلي. جهود الحكومة لتنشيط السياحة الثقافية وتسهيل التأشيرات (مثل الإعفاء من التأشيرة لبعض الدول) لا تهدف فقط إلى زيادة الإيرادات، بل أيضًا إلى تعزيز التفاهم الثقافي والتعاون الدولي كجزء من استراتيجية الدبلوماسية الناعمة.

يوضح الجدول التالي الانتعاش الملحوظ في إيرادات السياحة الدولية بعد الجائحة، مما يؤكد على أهمية القطاع في الاقتصاد الصيني:

السنةإيرادات السياحة الدولية (مليار دولار أمريكي)
2023

24.80

2024

39.70

هذا الجدول لا يعرض فقط الأرقام الخام، بل يبرز معدل النمو الكبير (60% من 2023 إلى 2024) ، مما يشير إلى أن السياحة هي محرك قوي للتعافي الاقتصادي. على الرغم من أن الأرقام لا تزال أقل من مستويات ما قبل الجائحة من حيث عدد الزوار ، فإن زيادة الإيرادات تدل على أن السياح ينفقون أكثر، أو أن هناك تحولًا نحو سياحة ذات قيمة أعلى، مما يعوض جزئيًا انخفاض أعداد الزوار.

السياحة الثقافية والبيئية

تمتلك الصين أكبر عدد من مواقع التراث الطبيعي في العالم، وتدر هذه المناطق أكثر من 14 مليار يوان سنويًا من السياحة للسكان المحليين. تشمل الوجهات الثقافية البارزة سور الصين العظيم (يجذب أكثر من 10 ملايين زائر سنويًا) ، والمدينة المحرمة (19.3 مليون زائر في 2019) ، وجيش التيراكوتا ، والقصر الصيفي ، ومعبد السماء.

تُقدم الصين تجارب ثقافية غنية مثل حفل الشاي ، والخط الصيني ، وأوبرا بكين ، بالإضافة إلى تنوع المطبخ الصيني الإقليمي. تشهد السياحة البيئية نموًا ملحوظًا، مع زيادة في عدد السائحين وإيرادات سياحة الجليد والثلج، مما يعكس اهتمامًا متزايدًا بالاستدامة. الصين لا تعتمد فقط على المعالم التاريخية الكبرى لجذب السياح، بل تستثمر في تنوعها الثقافي والطبيعي لتقديم تجارب سياحية غنية ومتكاملة. هذا التوجه نحو السياحة الثقافية والبيئية يتماشى مع التوجهات العالمية نحو السفر المستدام والمسؤول، مما يوفر فرصًا للنمو على المدى الطويل ويساهم في حماية التراث والموارد الطبيعية للبلاد.

خاتمة: آفاق الاقتصاد الصيني في ظل التغيرات العالمية

يواجه الاقتصاد الصيني مرحلة معقدة تتسم بتحديات هيكلية عميقة، أبرزها أزمة العقارات، وديون الحكومات المحلية المتزايدة، والتحديات الديموغرافية، والطاقة الإنتاجية الفائضة في بعض القطاعات. ومع ذلك، تمتلك الصين فرصًا كبيرة للتحول والنمو من خلال استراتيجياتها الطموحة مثل “الدورة المزدوجة” والاستثمار المكثف في الابتكار التكنولوجي.

سيعتمد النمو المستقبلي للصين بشكل كبير على مدى نجاحها في إعادة التوازن بين الاستثمار والاستهلاك، وتعزيز الابتكار المحلي، وإدارة التحديات الديموغرافية والجيوسياسية بفعالية. التحديات التي تواجه الصين ليست مجرد تقلبات دورية عابرة، بل هي تحديات هيكلية عميقة تتطلب إصلاحات جذرية. الانتقال من نموذج النمو المدفوع بالاستثمار والديون إلى نموذج مدفوع بالاستهلاك والابتكار يتطلب إصلاحات شاملة في سوق العمل، وأنظمة الضمان الاجتماعي، والقطاع المالي. بدون هذه الإصلاحات الجريئة، قد تواجه الصين تباطؤًا أطول في النمو وتفاقمًا للمشاكل الاقتصادية على المدى الطويل